"جسور إنترناشيونال" تدعو لسياسات تعليمية أكثر شمولاً تسهم في تحقيق التنمية المستدامة

في ندوة على هامش الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف

"جسور إنترناشيونال" تدعو لسياسات تعليمية أكثر شمولاً تسهم في تحقيق التنمية المستدامة
من فعاليات ندوة مؤسسة"جسور إنترناشيونال" للإعلام والتنمية

دعت مؤسسة"جسور إنترناشيونال" للإعلام والتنمية، إلى خلق سياسات تعليمية تكون أكثر عدلاً وشمولاً بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، خصوصاً في الدول التي تقع في الجنوب العالمي.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها "جسور إنترناشيونال" للإعلام والتنمية، وعنوانها: "تسخير التعليم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة: حقوق الإنسان، والإنصاف، والمرونة المؤسسية في الجنوب العالمي"، وذلك على هامش الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنعقد حالياً في العاصمة السويسرية جنيف.

شارك في النقاش ثلاث خبيرات في التعليم والعمل المجتمعي في سياقات هشة ومتأثرة بالنزاعات، وهن: مونيا إسلام موزمدار، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "التعليم من أجل بنغلاديش"، وديليا مامون، مؤسسة ورئيسة مؤسسة "حب السلام"، وريم نور الدين، المتخصصة في التعليم في حالات الطوارئ والنزاعات.

تحدثت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "التعليم من أجل بنغلاديش"، مونيا إسلام موزمدار عن تجربة "انتفاضة يوليو" في بنغلاديش، مستعرضة كيف قاد الشباب التحول التعليمي في المجتمعات المضيفة للاجئين. 

ودعت موزمدار إلى قيادة مجتمعية واعية بالصدمات النفسية، مطالبة بدمج هذا الوعي على المستويات المؤسسية في النظام التعليمي البنغالي كافة، لضمان توفير الأمن النفسي للطلاب والمعلمين على حد سواء.

وأكدت أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يحدثمن دون دور فعّال للشباب ومجتمعاتهم، باعتبارهم محركاتٍ للتغيير وبناء أنظمة تعليمية قادرة على الصمود أمام الأزمات البيئية والسياسية والاجتماعية المتداخلة.

دعوة إلى العدالة التربوية

من جانبها، قالت ريم نور الدين، اختصاصية التعليم في حالات الأزمات، إن الصراعات المسلحة، والإقصاء على أساس النوع الاجتماعي، أدى إلى انهيار النظام التعليمي، وخلق فجوات بنيوية عميقة تتطلب استجابة تربوية متجذرة في الحقوق والعدالة.

وأوضحت نور الدين أن الحياد الظاهري في المناهج داخل مناطق النزاع قد يُعيد إنتاج أنظمة الإقصاء، مؤكدة أن التعليم لا يمكن فصله عن السياق السياسي، ويجب أن يُعاد تصميمه كونه مجالاً للمقاومة المجتمعية والتعافي الجماعي.

ودعت إلى تبنّي مناهج تراعي الصدمات النفسية، وتُعزز التماسك الاجتماعي والمساواة بين الجنسين في سياقات ما بعد الحرب.

التعليم رافعة للسلام

وشددت ديليا مامون مؤسسة ورئيسة مؤسسة "حب السلام"، على أن تعليم السلام ليس ترفًا، بل ضرورة في البيئات الهشة.

واستعرضت نموذجاً تربوياً قائماً على التعاطف واللاعنف والتأمل، يمكن دمجه في المناهج الوطنية لبناء طلاب قادرين على تهدئة النزاعات المجتمعية والانخراط في مجتمعات قائمة على العدالة والتعايش.

وأكدت أن الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة (السلام والعدالة) لا يمكن فصله عن الهدف الرابع (التعليم الجيد)، وأن التلاقي بينهما في المناهج يعزز التحول الاجتماعي والمؤسسي طويل الأمد.

مَحاور بارزة من النقاش

ووجّه المشاركون في الندوة عدداً من الرسائل الجوهرية التي يمكن أن ترسم مساراً جديداً للسياسات التعليمية والتي جاءت كالآتي:

التعليم حق وأداة للعدالة

ينبغي عدم اختزال التعليم في تقديم الخدمة، بل يجب اعتباره عملية عاطفية وسياسية، تُسهم في بناء مجتمعات متصالحة وشاملة.

المناهج المراعية للصدمات النفسية

أبرزت المتحدثات الحاجة إلى تضمين الدعم النفسي والاجتماعي في بنية المناهج، إلى جانب تدريب المعلمين للتعامل مع آثار العنف والنزوح.

تمكين الشباب

اتفق المشاركون على أن الشباب ليسوا مجرد مستفيدين، بل فاعلون محوريون في صياغة رؤية تعليمية عادلة وشاملة.

العدالة الجندرية والتقاطعية

شددت الجلسة على ضرورة تجاوز النماذج التعليمية التي تُكرّس الإقصاء الجندري أو الطبقي، واعتماد تصميمات تعليمية تُخاطب جميع الفئات.

الابتكار التربوي

عرضت ديليا تجربة عملية في بنين وكوت ديفوار أظهرت كيف يمكن للبيداغوجيا التأملية أن تعيد تشكيل ثقافة تعليمية تقوم على التشاركية والسلام.

ختام واستشراف

تأتي هذه الندوة في وقت حرج يشهد فيه العالم تقاطعات غير مسبوقة بين النزاعات المسلحة، وأزمات المناخ، وتدهور المؤسسات، وقد وفّرت الجلسة مساحة مميزة لجمع الخبرات الميدانية من الجنوب العالمي مع الجدل الأممي حول مستقبل التنمية وحقوق الإنسان.

وفي ختام الندوة، أعربت "جسور إنترناشيونال"، عن أملها في أن تُسهم المخرجات في بلورة سياسات تعليمية أكثر عدالة وشمولاً، وأن تكون منطلقاً لمزيد من التعاون بين منظمات المجتمع المدني والجهات الأممية لبناء تعليم يسهم فعلياً في إعادة بناء المجتمعات وكرامة الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية